الطيور المهاجره

Sunday, November 05, 2006

ملكة الخيال

*\/\/\/\/\/\/\/\/\/\/\/\/\/\/*


بلغتُ خرائب (تدمر) وقد نهكني المسير ...

استلقيت على أعشاب نَبَتَت بين أعمدةٍ سلَّها الدهر

وأناخها إلى الحضيض, فبانت كأنها أشلاءُ حرب هائلة...

ولمَّا جاء الليل,

وتشاركت المخلوقات المُتَنَابِذَة بارتداء ثوب السكينة,

شعرتُ بأنَّ في الأثير المحيط بي سيالاً يضارع البخور عطرًا,

ويعادِلُ الخمر فعلاً...

ثم مادت الأرض,

واهتزَّ الفضاء

فوثبتُ مدفوعًا بقوة سحرية,

فوجدتُني في رياضٍ لم يتخيَّلها بشر, مصحوبًا بجوق من العذارى...

يمشين حولي ولا تلمس أرجلُهُنَّ الأعشاب,

وينشدْنَ تسبيحة منسوجة من أحلام الحب,

ويضرِبْنَ على قيثارات من العاج ...

ولمَّا وصلتُ إلى منفرج قام في وسطه عرشٌ مرصَّع

بالجواهر بين مسارِحَ تنسَكِبُ منها أنوارٌ بلون قوس

قزح... ظَهَرَتْ مليكة من بين الأغصان الزاهرة, ومشت

ببطء نحو العرش واستوت عليه... فهبط إذ ذاك سربُ

حمامٍ كالثلج بياضًا واستقرَّ حول قَدَمَيها بشكلِ هلال.

... وأشارت المليكة... فَسَكَنَتْ كلُّ حركة. ثم قالت

وصوتُهَا يهزُّ نفسي مثلما تفعل يَدُ الموقّع بأوتارِ عودِه,

ويؤثِّر بِمَجْمُوعِ ذاك المحيطِ السّحريّ كأنَّ للأشياء آذانًا وأفئدة:

دعوتُكَ أيها الإنسيّ وأنا ربَّةُ مسارح الخيال,

وحَبَوْتُك المثولَ أمامي وأنا مليكَةُ غابةِ الأحلام,

فاسمع وصاياي ونادِ بها أمام البشر:

إنَّ مدينَةَ الخيال عرسٌ يَخفِرُ بابَه مارِدٌ جبَّار,

فلن يدخله إلاَّ من لبس ثياب العرس.

هي جَنَّةٌ يحرسها ملاكُ المحبَّة,

فلا ينظرها سوى من كان على جبهته وسمُ الحب.

هي حقلُ تصورات, أنهارُه طيّبة كالخمر,

وأطيارُه تسبَحُ كالملائكة

وأزهارُه فائحة العبير... فلا يدوسه غيرُ ابن الأحلام.

خَبّرِ الإنس بأني وهبتُهم كأسًا يفعَمُهَا السرور فهرقوها بجهلهم, فجاء ملاك
الظلمة فملأها من

عصير الحزن فَجَرَعُوها صِرْفًا وسَكِرُوا.

قل:

لم يحسن الضربَ على قيثارَةِ الحياة غيرُ الذين

لَمَسَت أنَاملُهُم وِشاحِي, ونَظَرَت أعيُنُهم عرشي.

... إن للفكرة وطنًا أسمى من عالم المرئيَّات

لا تُكَدِّر سماءَه غيومُ السرور... وللتخيلاتِ

رسومًا كائِنَةً في سَمَاءِ الآلهة تنعكس على مرآة النفس...

وَجَذَبَتْني مَلِيكَةُ الخيال نحوَهَا بنظرةٍ سحرِية, وقبَّلت شفتيَّ
الملتَهِبَتَين وقالت
:

من لاَ يصرف الأيام على مسرح الأحلام

كانَ عبدَ الأيام

Jubran khalel jubran.

0 Comments:

Post a Comment

Subscribe to Post Comments [Atom]

<< Home